مشاريع

 

بادرت لجنة العمل للمساواة في قضايا الاحوال الشخصية الى دفع تعديل لقانون سن الزواج لعام 1950 والذي ينص على أن سن السابعة عشر هو السن الادنى للزواج. ويهدف التعديل المقترح, إلى رفع السن الادنى للزواج بسنة واحدة أي لسن الثامنة عشر لأن اللجنة تؤمن, أسوة بكل المؤسسات التي تعنى بحقوق الطفل و بحقوق المرأة في العالم,  بأن تزويج القاصرات (والقاصرين) قبل بلوغهن سن الاهلية القانونية (سن الثامنة عشر), المنصوص علية في  المعاهدة الدولية لحقوق الطفل يشكل مساً كبيرًا بحقوقهن الاساسية كقاصرات ويجلب لهن ولعائلاتهن بل وللمجتمع باسره الضرر. وتشير الإحصاءات الرسمية بان ما  يقاربال  1700 فتاة تزوجن سنويا في إسرائيل في السنوات   2000-2005 في سن السابعة عشر وأن ما يقارب 180 تزوجن دون سن السادسة عشر.     

 

الأسباب التي تؤدي الى إنتشار ظاهرة تزويج الفتيات القاصرات في العديد من المجتمعات متشابة وأهمها النظرة التقليدية لدور المراة في المجتمع والتي تنكر حقها وقدرتها على العطاء والمساهمة في الحيز العام أي في مجال العمل أو في  الحياة السياسية والثقافية لمجتمعها وترى بأن دور المراة يقتصر على الحيز الخاص اي المنزل وتربية الاطفال لذا لا يوجد اي مبرر من وجهة النظر هذه  لتأجيل زواج الفتاة وتأجيل موعد مباشرتها لدورها الوحيد كزوجة وأم. السبب الثاني هو الفقر وإنعدام فرص التعليم. فالعائلات التي تعاني من ضائقة إقتصادية تمنعها من توفير التعليم الجامعي لأبنائها قد تقدم على تزويج فتياتها القاصرات للتخفيف من العبئ المادي الملقى على كاهل العائلة ذلك لان الفتاة لن تنخرط  في سوق العمل بسهولة دون شهادة جامعية ولن تقدم الدعم المادي لعائلتها والنتيجة تكون توسيع دائرة الفقر في المجتمع لان هذه الفتاة لن تستطيع مساعدة زوجها بعد الزواج في توفير  معيشة كريمة لعائلتها ولإطفالهما. أما السبب الثالث الأكثر إنتشارا لتفسير ظاهرة تزويج الفتيات فهو مرتبط "بالغزو" الإعلامي  والثقافي الغربي للمجتمعات المحافظة في ظل العولمة والذي نجح الى حد ما بالتأثير على الإعلام المحلي وإختراقه بالرغم من أنه يطرح نموذجا ثقافيا مختلفا أو حتى متصادما مع القيم الثقافية السائدة في المجتمع المحافظ. فالتناقض بين  الثقافة المحلية المحافظة وبين الثقافة الغربية التي يستهلكها المجتمع دفعت بعض العائلات التي تزويج بناتهن وهن قاصرات لتجنب إحتمال دخولهن في علاقات محظورة اجتماعيا. وردة الفعل هذه منتشرة أيضا  لدى أقليات مهاجرة محافظة فبعض افرادها يشجعون أو حتى يرغمون فتيات قاصرات على الزواج خوفا من تأثرهن بثقافة المجتمع الغربي وفي كلا الحالتين يتحول الزواج من مشروع حياة الى آداة لمواجهة هذا الواقع المركب بدلا من مواجهته بسبل تربوية وحوارية مع المراهقات والفتيات الصغيرات. وسريعاً ما تكتشف العائلة بأن تزويج الفتيات المراهقات وهو أشبة بعملية إخماد  الحريق  يجر وراءه المزيد من المشاكل والتعاسة للفتاة  ولعائلتهاومهما كانت الدوافع التي تؤدي بالعديد من العائلات لتزويج بناتهن المراهقات والقاصرات فالنتيجة واحدة, نحن بصدد إنتهاك صارخ لحقوق تلك الفتيات القاصرات الاساسية وعلى رأسها الحق في التعليم, الحق في الصحة والحق في النمو والتطور.   فالمعطيات التي   يتم رصدها في كل المجتمعات التي تعاني من ظاهرة تزويج الفتيات تشير الى أن غالبية الفتيات اللواتي يتزوجن قبل بلوغهن سن الثامنة عشر يتسربن من المدارس قبل إنهاء تعليمهن الثانوي وبالتالي يحرمن من التعليم العالي ومن فرصة المشاركة في سوق العمل . كما تشير المعطيات الى أن الفتيات  اللواتي يتزوجن قبل بلوغهن  سن الثامنة عشر ينجبن طفلهن الاول قبل بلوغهن سن الرشد وقبل إكتمال نموهن الجسدي مما يزيد من المخاطر الصحية المتعلقة بالحمل كإرتفاع إحتمال تسمم الحمل او الاجهاض. إضافة الى ذلك, فصغر سن الفتاة وعدم نضجها النفسي والعاطفي يحد من قدرتها على تحمل اعباء الزواج وتربية الاطفال مما سيضر حتما بصحتها النفسية. كما تشير المعطيات الى أن إحتمال تعرض الزوجات   القاصرات للعنف الزوجي أعلى من نسبة تعرض الزوجات البالغات لان الزوج يتعامل مع زوجتة التي لا تزال قاصرا كفتاة صغيرة يجب "تأديبها" وليس كزوجة بالغة تكون شريكة حقيقية له. واخيرا يحق لكل طفل وكل قاصر لم يبلغ سن الثامنة عشر أن توفر له ظروف بيئية ومعيشية ملائمة تضمن له النمو السليم والتطور وتأهله ليصبح فردا فعالا في مجتمعة. إن تزويج الفتيات دون سن الثامنة عشر يحرمهن من هذا الحق ويسلبهن فرصة النمو السليم ويعيق قدرتهن على المساهمة الفعالة في الحياة العامة مستقبلا. كما ان تزويج الفتيات القاصرات يمس بحقوق الطفل من زاوية اخرى أي أن الاطفال الذين يولدون لأمهات قاصرات يتضررون لان والديهما لا يملكان الوعي والنضج المطلوب لتربية طفل صغير وتلبية إحتياجاته المعنوية فهل يعقل أن تربي فتاة في سن المراهقة طفلا أخر؟

 

قد يتساءل البعض ما هي أهمية تأجيل زواج الفتاة لسنة واحدة أي لسن الثامنة عشر؟ الجواب هو بسيط جدا: رفع السن الادنى للزواج الى سن الثامنة عشر سيضمن لهن كحد أدنى إنهاء دراستهن الثانوية. حتى لو إفترضنا بأن معظمهن ستتزوجن مباشرة بعد التخرج من المدرسة, حصولهن على شهادة الثانوية سيزيد من الخيارات المتاحة لهن مستقبلا في مجال التعليم أو العمل وهذا بحد ذاتهة إنجار لا يستخف به.

 

وفي النهاية يجب التشديد على أن رفع سن الزواج هو خطوة أساسية لكنه غير كاف لوحده ويجب أن يكون مقرونا بنشاطات تربوية وتقافية جماهيرية لرفع الوعي لدى الجمهور حول المخاطر والضرر الذي يلحق بالفتيات  عند زواجهن دون سن ال-18 والضرر اللاحق بالمجتمع ككل. إن مسؤولية رفع الوعي  المجتمعي هي ليست مسؤولية الجمعيات التي تعنى بحقوق الطفل وحقوق المراة فقط بل هي مسؤولية كل مؤسسة مجتمعية كالمدارس والمعلمين والاحزاب والمؤسسات الدينية وكل مؤسسة لها قدرة على التواصل والتاثير على ابناء وبنات مجتمعنا.

 

 

 
 
 
 
 
 
 
إتصل بنا
هاتف : +972(4)6462138
قاكس : +972(4)6553781
[email protected]