مشاريع

 

تعتبر ظاهرة تعدد الزوجات إنعكاسا واضحا للنظرة الدونية للمرأة في المجتمعات التي تنتشر بها هذه الظاهرة وهي تشكل خرقا فظا لحقها في المساواة وإهدارا لكرامتها الإنسانية.

 هنالك إجماعا كبيرا في المجتمع الدولي حول وجوب منع هذه الظاهرة والحد منها كونها تمس بشكل كبير بالمرأة والأطفال الذين يولدون لأب متزوج من عدة نساء. ومن الجدير ذكره أن بعض الدول الإسلامية كتونس وتركيا منعت تعدد الزوجات وهنالك دول أخرى كالمغرب التي فرضت الكثير من القيود على تعدد الزوجات.  

 

وبالرغم من أن المعاهدة الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة لم تتطرق بشكل مباشر الى ظاهرة تعدد الزوجات فقد أقرت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز ضد المرأة أن تعدد الزوجات يتناقض مع البند السادس عشر للمعاهدة الدولية, والذي يعنى بحق المرأة في المساواة مع الرجل في الحياة الأسرية والزواج. إضافة على ذلك, إرتأت اللجنة أن ظاهرة تعدد الزوجات تشكل عبئا ماديا ونفسيا على المرأة وأطفالها وطالبت الدول التي صادقت على المعاهدة بمنع هذه الظاهرة والحد منها[1].      

 

يمنع القانون الإسرائيلي تعدد الزوجات ويعتبره مخالفة جنائية. حيث تنص المادة 176 لقانون العقوبات لعام 1977 على أنه يمكن فرض عقوبة قصوى بالسجن لمدة خمس سنوات على من تتم إدانتة بجريمة تعدد الزوجات.

 

لم يؤد سن قانون جنائي لمحاربة ظاهرة تعدد الزوجات الى تحسين وضعية النساء المتضررات من هذه الظاهرة ومساعدتهن لأن السلطات لم تسعى لتطبيق القانون وتقديم لوائح اتهام ضد مخالفية. فالدولة لم تتبنى خطة عمل واضحة لرصد ومعالجة هذه الحالات ولم تصدر أية تعليمات محددة للجهات المختصة كالمحاكم الدينية, المستشفيات ووزارة الداخلية للتبليغ عن حالات تعدد الزوجات التي تصادفهم.على سبيل المثال, في التقرير الدوري الثالث الذي قدمته حكومة إسرائيل عام 2001 للجنة الامم المتحدة لمحاربة التمييز ضد المرأة, نلاحظ شحة المعلومات حول ظاهرة تعدد الزوجات حيث يقتبس تقرير الدولة بحثا ميدانيا أجري عام 1999 في النقب بمبادرة من المؤسسة العربية لحقوق الإنسان- وهي منظمة غير حكومية- والذي يكشف على أن 40% من النساء البدويات اللاتي شاركن في البحث تعشن في زيجات تعددية[2]. وفي ملحق إضافي قدمته الدولة للإجابة على الأسئلة التي وجتها لجنة الأمم المتحدة حول التقرير الثالث لإسرائيل, إدعت الدولة, بتناقض شديد مع الدراسة التي إشارت اليها في تقريرها الثالث, أن معطيات الشرطة "تكشف" عن وجود حالات معدودة لتعدد الزوجات, حيث عالجت الشرطة 10 حالات تعدد زوجات في عام 2003 و 15 حالة في عام 2004[3]. إضافة الى ذلك, لم يوضح الملحق إذا تمت محاكمة مخالفي القانون أو أن الموضوع انتهى مع تقديم البلاغ دون إتخاذ إجراءات أخرى.  

واجب الدولة بمحاربة ظاهرة تعدد الزوجات لا يقتصر على منعها قانونيا إنما أيضا يحتم إتخاذ تدابير أخرى من شأنها الحد من هذه الظاهرة كالبرامج التعليمية والتثقيفية للفتيات في المدارس ولعائلاتهن لتوعيتهن حول المخاطر والأبعاد النفسية والمادية لتعدد الزوجات على النساء والأطفال على حد سواء.

 إضافة الى ذلك ترى لجنة الأحوال الشخصية أن محاربة ظاهرة تعدد الزوجات يجب أن نكون مقرونة بتقديم الدعم والمساندة للنساء ضحايا هذه الظاهرة وأنه لا يجوز معاقبة الضحية مرة أخرى وحرمانها من أبسط حقوقها بذريعة محاربة هذه الظاهرة. الا أن السياسة الحكومية المتبعة تسير بعكس ذلك. 

 

الدولة التي قصرت الى حد كبير في تطبيق القانون منذ سنه تسعى الى محاربة النساء. كما هو معلوم اليوم تتم الزيجات المخالفة للقانون بعقد "خارجي" لا يتم تسجيله بالدوائر الرسمية أو يطلق الزوج الزوجة الأولى ويستصدر شهادة طلاق تم يردها دون تبليغ السلطات الرسمية ويتزوج من إمرأة أخرى بعد ذلك, كي لا يعرض نفسه للمسائلة القانونية.

 

في كلا الحالتين تفقد الزوجة غير المسجلة في السجلات الرسمية أبسط حقوقها. على سبيل المثال, إذا كانت الزوجة الثانية غير المسجلة من الأراضي الفلسطينية المحتلة فهي لا تستطيع الحصول المواطنة أو مكانة قانونية في إسرائيل, وبالتالي هي تفقد الحق في التأمين الصحي والخدمات الإجتماعية الاخرى التي تقدمها الدولة لمواطنيها. في بعض الحالات يقرر الزوج تسجيل أولاده من الزوجة غير القانونية باسم الزوجة الاولى لكي يتجنب المسائلة القانونية. في هذه الحالة تصبح الزوجة رهينة لدى زوجها وقد تتعرض للاعتداءات الجسدية والنفسية من فبله وتشعر بأنها مجبرة على تحمل هذا الوضع خوفا من فقدان أطفالها وطردها من إسرائيل لأنها موجودة بشكل غير قانوني.

 


 

[1] General Recommendation 21 (13th session, 1994).

[2] Israel’s 3rd periodical report, UN Doc. CEDAW/C/ISR/3.

[3] UN Doc. CEDAW/PSWG/2005/II/CRP.2/Add.7

 
 
 
 
 
 
 
إتصل بنا
هاتف : +972(4)6462138
قاكس : +972(4)6553781
[email protected]