مقالات ودراسات

 

   المحامية نسرين عليمي-كبها:"في هذه الأيام لجنة شنيط تفحص فرضية الجيل المبكر التي تعطي الام أفضلية لحضانة اطفالها بعد الطلاق , وسط أوساط تنادي بإلغائها"

 طالبت في الاونة الاخيرة اوساط  اجتماعية مختلفة وجمعيات لحقوق الرجل بمساواة الاب في حال الطلاق بحضانة الأطفال وابطال فرضية الجيل المبكر التي تعطي الأم أفضلية بالاحتفاظ بحضانة الاطفال في حال الطلاق حتى بلوغم سن السادسة. وقد اشارت هذه الجمعيات الى ان القانون الحالي الذي يقضي بحضانة الأم للأطفال، في حال عدم توصل الطرفان الى تسوية اخرى، هو قانون مجحف للغاية بحق الرجال الاباء ويمنعهم من رؤية ابنائهم والتواصل معهم.

 على اثر هذه المطالبة، ومن أجل فحص تناسب فرضية الجيل المبكر مع المعاهدات والمواثيق الدولية التي وقعت عليها إسرائيل, قررت وزيرة القضاء تسيبي ليفني مؤخرا اقامة لجنة خاصة لفحص الموضوع كي تقدم توصياتها بهذا الخصوص للنظر في امكانية تغيير الوضع الحالي.

 في لقاء خاص لصحيفة "كل العرب"، تتحدث المحامية نسرين عليمي- كبها، مركزة لجنة العمل للمساواة في قضايا الاحوال الشخصية، عن ورقة العمل التي قدمتها الى اللجنة الخاصة بالنيابة عن جمعية "نساء ضد العنف"، جمعية "حقوق المواطن" , جمعية "كيان", "لوبي النساء" ومركز "الطفولة" في الناصرة، والتي قدمت توصياتها من قبل لجنة العمل الى اللجنة الخاصة التي عينت لفحص الموضوع.

فرضية الجيل المبكر:

 في بداية حديثها تعرف المحامية عليمي-كبها ما يعرف باسم "فرضية الجيل المبكر" التي تجهلها العديد من الامهات المطلقات وتقول:" قانون الأهلية القانونية والوصاية ينص على أنه في حال إنفصال الزوجين أو طلاقهما, من حق الزوجين التوصل الى إتفاق بشأن حضانة الاطفال. ولكن في حال لم يتوصل الطرفان الى إتفاق, تقتضي فرضية الجيل المبكر أن مصلحة الأطفال دون سن السادسة أن يكونوا بحضانة الأم. الخلفية التي على أساسها نشأت هذه الفرضية هو أن الأمهات بشكل تقليدي كن المسؤولات عن تربية الأطفال وتوفير الظروف المناسبة لنموهم وتطورهم.

من ناحية اخرى تكفل فرضية الجيل المبكر التواصل ما بين الاب والأطفال وتبقى المجال امام الاب مفتوحا لمشاهدة اطفاله والحفاظ على علاقته يومية معهم, وفق الاتفاق الذي توصل اليه الطرفان, أو وفقاً لقرار المحكمة بشأن مشاهدة الطفل. اما بعد جيل السادسة فمن الممكن فتح ملف الحضانة من جديد, ويحق للأب المطالبة بضم الطفل اليه. لكن في حقيقة الأمر هنالك تحفظ من فصل الطفل عن أمه  وذلك حفاظاً على "التواصل" , وتفادياً للضرر الذي من الممكن أن يحدق بالطفل إذا ما فصل عن أمه التي عملت على تربيته ورعايته خلال السنوات الستة السابقة، وعن البيئة التي إعتاد عليها."واضافت قائلة:" المحاكم الشرعية غالباُ ما تطبق فرضية الجيل المبكر ، الا أن الإشكالية هي حين يتم التوصل الى تسوية بين الزوجين, فيها تستغل عدم معرفة العديد من الامهات بحقهن  بالاحتفاظ بحضانة الاطفال , مما يعرضهن للابتزاز, في حين يكون أحد طرفا المعادلة هو الإحتفاظ بحضانة الأطفال, والطرف الآخر هو التنازل عن حقوقها المالية  مثل المهر المؤجل, النفقة، وقسمة الأموال المشتركة. "

بإسم المساواة, أوساط  عديدة تنادي بإستبدال فرضية الجيل المبكر بمبدأ مصلحة الطفل :

إن الأوساط التي تنادي بإلغاء فرضية الجيل المبكر تدعي بأن فرضية الجيل المبكر منافية لمبدأ المساواة بين الأم والأب في علاقتهما مع أطفالهما. كما وتؤكد هذه الأوساط أنها تكرس وضعية النساء والربط ما بين المرأة والوظائف التقليدية المنسوبة إليها من كونها زوجة وأم.

المحامية نسرين عليمي-كبها, تنفي هذه الإدعاءات وتقول: " لا يمكن أن نطالب بالمساواة فقط في حلقة الحضانة , ونتناسى عدم وجود مساواة في باقي الحلقات المكونة لسلسلة الآحوال الشخصية. إن الأوساط التي تنادي بإبطال الفرضية  أسوةً بالدول الغربية, تتجاهل أن القانون المدني هو الذي يحكم مجمل مواضيع الأحوال الشخصية في هذه الدول , خلافاً للوضع القائم في إسرائيل."

"كما وأن إبطال الفرضية سينتزع من النساء الأفضلية الوحيدة التي تقف الى جانبهن عند الطلاق, فهي تحمي النساء بشكل أو باخر من الخضوع للإبتزاز والتنازل عن حقوقها المالية تحت التهديد بحرمانها من حضانة الأطفال."

"إن فرضية الجيل المبكر توفر ألية مريحة تكفل تقليص الأضرار النفسية اللاحقة بالأطفال نتيجةًُ لإشراكهم في النزاع بين الأم والأب على حضانتهم."  

كما وتؤكد المحامية نسرين عليمي-كبها: : "أن جاهزية المجتمع لتقبل هذا التغيير هي موضع شك, لأنه رغم التطور الملحوظ في مكانة المرأة قياساً بالعقود الآخيرة إلا أن هذا التقدم لم يأت أكله في مجال الأحوال الشخصية أو في مجال التقاسم الوظيفي بين الزوجين. فنرى أنه نتيجة لخروج المراة الى العمل ومشاركتها في الحياة العامة, تستعين هي بنساء أخريات مدفوعات الأجر للقيام بالوظائف التي كانت تقوم بها قبيل خروجها الى العمل مثل الإستعانة بالحاضنات أو الخدمات المنزلية, ولا نتكلم عن تقاسم عادل في المهام. فكلنا نعلم أنه عند عودتها من العمل تبدأ هي بدوام إضافي داخل المنزل. التطور الحاصل, أدى في بعض الأحيان الى زيادة محدودة نسبياً بمشاركة الرجل بالأعباء المنزلية وتربية الأطفال, لكننا لا زلنا بعيدين كل البعد عن وضعية المساواة بالمسؤوليات. 

 إبطال فرضية الجيل المبكر تضر بالنساء المستضعفات, الفقيرات ومن هن على هوامش المجتمع

وتعرض المحامية نسرين عليمي-كبها المخاطر المترتبة على إبطال فرضية الجيل المبكر,  وتقول: "في حال ابطال فرضية الجيل المبكر, ستكون هنالك حاجة لتداول كل نزاع على حضانة الاطفال في أروقة المحاكم, وسيقرر القاضي الجهة الحاضنة تبعاً لمصلحة الأطفال , مما يثير عدة تساؤلات بهذا الشان: هل المحكمة هي الجسم الأمثل لمثل هذه القرارات, وما هي العوامل التي سوف يراعيها القاضي عند حكمه, وهل سيؤدي تفوق الرجال في القدرات المادية على النساء الى التأثير على قرارات المحكمة ؟!."

"مما لا شك فيه أن الحاجة للتوجه للقضاء في كل دعوى حضانة ستشكل عبءاً  إقتصادياً على النساء غير القادرات على تحمل تكاليف تمثيلها على يدي المحامين كونها لا تملك الامكانيات المادية مقارنة مع الرجل. فكلنا نعلم أن النساء أفقر من الرجال وأن معدل أجورهن أقل بكثير, زد على ذلك إضطرار معظم النساء للعمل بوظائف جزئية بسبب المسؤوليات التي يتحملنها كأمهات, مما يكرس وضعيتهن الإقتصادية المتدنية.

 اضافة الى ذلك، ان اشراك الأطفال وادخالهم الى دوامة الصراعات القضائية بين الطرفين سيعود عليهم باضرار نفسية بالغة قد تاثر على تطورهم المستقبلي وانسجامهم في المجتمع، الامر الذي يشعر من خلاله الأطفال انهم عالقون بين اقرب واحب الناس اليهم يتصارعان الواحد بالاخر".

 حضانة مشتركة- هل هي محاولات لإعفاء الرجل من دفع النفقة؟

 تعرف المحامية نسرين عليمي-كبها الحضانة المشتركة على أنها: "تقاسم الوالدين لمسؤولية رعاية الأطفال حسب نظام يحدد من قبلهما, بموجبه يقضي الأطفال أوقات محددة مع كل واحد من الوالدين, بحيث أن كلاهما شريك فاعل في حياة الطفل اليومية."

لكن في بعض الأحيان, هنالك مطالبة زائفة من قبل قسم من الآباء  بحضانة مشتركة بينهم وبين الام لان الحضانة المشتركة ستعفيهم أو تخفف من المبالغ المطالبون بها لنفقة الأطفال, لإن تواجد الأطفال معهم يعني أنهم يتحملون نفقات الطفل في هذه الفترات. لكنهم لا يقومون فعليا باقل الواجبات المحتمة عليهم تجاه اطفالهم في اطار الحضانة المشتركة. وبالنهاية تترك الأم للتكفل بجميع الواجبات, ويعفى الأب من دفع نفقة أطفاله.

إن فكرة الحضانة المشتركة الرائجة في شرائح معينة من المجتمع من الممكن أن تكون فعالة فقط إذا ما كانت هي نتاج للرغبة المشتركة للوالدين, ومع توفر إمكانية التواصل المشترك بينهما. ولكنها ستفشل حتماً إذا ما فرضت عليهما من قبل المحكمة, كما هو متبع اليوم في قسم من الدول الغربية.

هنالك حاجة لضمان إستقلالية العاملين الاجتماعيين في أطر المجالس المحلية

عند مثولها للشهادة أمام لجنة شنيط شددت المحامية نسرين عليمي- كبها  على:" ضرورة اخراج عمل ومهام العاملين الاجتماعيين من اطر المجالس المحلية. فكما هو معروف في كل حالة طلاق يقوم العامل الاجتماعي بالوقوف على الحالة لكتابة توصية تقدم الى المحكمة بشان حضانة الأطفال. لكن من خلال حالات سابقة، نشهد محاولات لتأثيرات خارجية غير مهنية على توصيات العاملين الاجتماعيين بسبب ضغوطات يقوم بها العديد من الأطراف لحث العامل الاجتماعي والتأثير على تقرير حضانة الطفل."

لذلك هنالك حاجة لإعادة بناء نظام عمل مكاتب الشؤون, لضمان استقلالية للعاملين الاجتماعيين في   تأدية مهامهم, لنكفل بذلك الحصول على قرارات مهنية.

في نهاية حديثها اشارت المحامية نسرين عليمي- كبها, أن لجنة العمل للمساواة في قضايا الأحوال الشخصية تؤمن بأن الطفل بحاجة الى كلا والديه, وهذا أمر لا يتنافى مع فرضية الجيل المبكر, لأنها لا تفصل الآباء عن أطفالهم, فلكل أب الحق بمشاهدة طفله ضمن ترتيبات مسبقة. كما وأنها لا تنفي إعادة النظر في فرضية الجيل المبكر عندما يقتضي التغيير المجتمعي ذلك, ولكن في الظروف الراهنة, لا زالت فرضية الجيل المبكر تعبر عن الواقع الذي يعيشه مجتمعنا."

 

 
 
 
 
 
 
 
إتصل بنا
هاتف : +972(4)6462138
قاكس : +972(4)6553781
[email protected]