مقالات ودراسات

 

تزويج القاصرات، هذه الظاهرة التي بالرغم من التقدم الذي نعيشه في كافة مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، مازالت منتشرة بنسبة كبيرة في أوساط مختلفة الغنية منها والفقيرة، فالفقر ليس السبب الوحيد الكامن وراء هذه المشكلة وانما الجهل والمجتمع التقليدي المتخلف الذي يقضي على الطفولة في ممارسة هذه الجريمة بحق طفولة الفتاة بشكل خاص، فعدد الذكور الذين يتزوجون دون الثامنة عشر نادر في مجتمعاتنا.

Image"يا حرام لقد زوجها أهلها في عمر صغير"، هذه الجملة التي تتردد يوميا على مسامعنا ونقولها دائما، يجب أن نقف باهتمام بالغ أمامها، فما تعنيه هذه الكلمة من زواج طفلة لا تتجاوز سن الثامنة عشر ليس فقط تدمير حياة إنسان (طفل) بنزع حقه في الحياة وتحديد فرص وعيه ونضجه الجسدي والاجتماعي والنفسي واكتساب خبراته التي تجعله منتجا وبالتالي شخص ايجابي ينهض بمجتمعه إلى الأمام، وانما ايضا يترتب عليه نشوء أسر غير سليمة تقوم على أسس غير ثابتة تؤثر على جيل كامل من الأطفال الذين لا يتلقون تربية سليمة في أدنى حدودها، على اعتبار أن هذه الطفلة - تتولى في سن صغير تربية طفل آخر- لا تعرف شيئا عن المجتمع وعن علومه وفنونه وآدابه ومشاكله وتغيراته، بل لا تعرف شيئا عن نفسها انفعالاتها شخصيتها عقلها قدراتها وحتى جسدها، ستتلوى تربية وتنشأة أسرة سليمة مع رجل جل ما يريده هو فتاة صغيرة لا يعرف عنها شيء سوى انها مازالت ساذجة لم تخرج من منزل أهلها وبالتالي صالحة لتكون زوجة له تطمئن ذكورته لها مدى الحياة، على اختلاف الأسباب التي تدعو الفتاة إلى الزواج باكرا، أو تزويجها باكرا.

طرطوس إحدى المدن الساحلية الهادئة التي لا يتوقع وجود هذا العدد الكبير من حالات تزويج القاصرات فيها! لكن الواقع غير التوقعات، فما إن سالت عن إحدى الفتيات اللواتي تزوجن باكرا حتى انهال علي سيل من الحالات! وكانت منهن السيدة فاتن السيد (25 سنة)، متزوجة منذ ثمانية سنوات ولديها طفلان، تزوجت في عمر السابعة عشر، وضحت أنها تزوجت هربا من الضرب الذي كانت تتعرض له في منزل أهلها (والدها والدتها أخيها الرجل)، فكانت مع أخواتها الفتيات يتعرضن للضرب يوميا وللتعنيف بكافة أشكاله، حتى أنها قطعت وعدا على نفسها أن تتزوج أول عريس يطرق باب منزلها، وهذا ما حصل، ولكن هذه السيدة لم تنجو من جو أسرتها كما كانت تأمل وانما انتقل الضرب من أهلها إلى زوجها والتعنيف من منزل اهلها إلى منزل أهل زوجها.

 تقول فاتن: أردت أن اهرب ولكن ما وجدته كان أصعب! فبت أتمنى العودة إلى منزل اهلي بدلا من هذه المسؤولية الكبيرة التي ظهرت فجأة لي، إذ لم يمض عام على زواجي حتى كنت أضع طفلي على يدي! هذا الطفل الذي كنت اعتبره عبئا علي في الحياة! كنت مازلت صغيرة لا اعرف كيف اتعاطى مع الظروف والمشاكل التي اتعرض لها، حتى أنني صببت جام غضبي على هذا الطفل الصغير وانهلت عليه بالقسوة والضرب! رغم اني أعلم أنما أقوم به يؤذيه! فأنا أبكي مع بكائه وأصرخ مع صراخه، ولكن لم أعرف كيف سأتعامل معه. كنت أشعر بالظلم لأنني تزوجت صغيرة نتيجة ظروفي الصعبة في منزل اهلي، فلم يكن هناك من سبيل إلى النجاة من عنفهم، حتى عندما طلبت منهم أن يعلموني حرفة الخياطة لم يقبلوا لان من سيعلمني "رجل". والآن لدي طفل أخر لم أعامله كأخيه وانما كنت سهلة معه، أعطيه ما يريد ولا أقسو عليه أبدا. انجبته بعد ثلاث سنوات من طفلي الاول. وعلاقتي مع زوجي غير سوية فلا يوجد تفاهم أبدا بيننا ونحن في صراع دائم على كل شيء. ولكني أشعر أني لا أستطيع أن أتركه فقد اعتدت الحياة معه كيفما كانت. وفي النهاية لدي أطفالي الذين سأضحي بنفسي وبعمري وبحياتي التي لم أعيشها أبدا ولن أعيشها بعد الان لينشؤوا بين يدي، وأنا أنصح أي فتاة أن لا تقدم على اتخاذ قرار الزواج قبل ان تبلغ سن معينة، فلو كان لدي ابنة لما زوجتها الا بعد الخامسة والعشرين من عمرها، بعد ان تكمل تعليمها وتدخل إلى مجال العمل وتفهم معنى الزواج جيدا.

هناك فرق كبير بين الاختيار الحر الإيجابي، وبين الاختيار الإجباري السلبي. وفي حالة السيدة فاتن فقد اختارت الزواج رغما عنها، فالظروف التي تعرضت لها في ذلك الوقت وإمكانياتها المتاحة دعتها إلى جعل الزواج حلا للخروج من أزمتها، وبالتالي هنا تكون عملية اختيار سلبية فلم تكن تجد في ذاك الرجل سوى الخلاص.

أما فاديا الأحمد (25سنة) والتي تزوجت أيضا هربا من ضرب والدها لها في سن الـ16 دون أن ترى وجه العريس القادم! فقد وافقت فورا على الزواج وانتقلت إلى المنزل المستأجر لزوجها، ومنذ الشهر الاول من زواجها بدأت المعاناة معه، فهو عاطل عن العمل مما رتب عليه أزمة مادية كبيرة جعلتهم يتركون المنزل ليسكنون عند أهله.

تقول فاديا: رغم حملي انني كنت اذهب يوميا إلى العمل في صالون الحلاقة لأجلب في طريق عودتي ما نأكله انا وزوجي، دون ان يحرك ساكنا! وبعد عام أنجبت طفلي الاول في ظروف مادية وجسدية صعبة جدا، لاني لم اعد استطيع أن اذهب إلى العمل، وكان هو يخرج من الصباح  ولا يعود حتى المساء دون أن يحمل بيده اي شيء لنأكله! واستمر الوضع على ما هو عليه إلى ان انجبت ابنتي الثانية، حصلت بعدها على فرصة للعمل في الامارات المتحدة فلم يتوانى عن دفعي إلى السفر طمعا في النقود التي قد أحصلها من عملي هناك. وافقت آملة أن سفري سيجعل أطفالي يعيشون حياة كريمة! سافرت وبدات أرسل له كل شهر راتبي كله تقريبا، ولكني فوجئت بعد عام ان ما ارسله لا ينفق على اولادي، فتوقفت عن إرسال المال له، وصرت أرسله إلى اختي كي تضعه لي في البنك. وعندما عدت، وما إن دخلت البيت حتى انهال علي بالضرب والكلام البذيء، لاني لم اعد أرسل له النقود! ومنعني من السفر إلى ان أعطيه كل ما جمعته! فسافرت وهددني إن لم ارسل له النقود فسيحرمني من رؤية أولادي! ولكني بقيت أرسلها إلى أختي لتجمعها لي ولأولادي، وعندما رجعت في زيارة اخرى كان كالوحش الذي انقض على فريسته!  وقام بضربي إلى ان استيقظت في المستشفى! بعدها لجأت إلى الطلاق عبر المخالعة. والان انا بعيدة عن أطفالي مضطرة لكي أؤمن لهم لقمة العيش، فلو بقيت إلى جانبهم لما وجدوا احدا ينفق عليهم، كما أنني أعلم تماما أنه لا يوجد من يربيهم أيضا، فوالدهم غير موجود! والله واعلم كيف يعيشون! هذا وضعي: تائهة لا أعرف إن كان ما قمت به صحيح أم خاطئ؟ أشعر أحيانا أني أريد أن اهرب من كل حياتي بالموت.

وقد يقوم الزواج المبكر أيضا على أساس تجاري كالصفقة التي تتم بين بائع ومشتري، وبين مالك قديم ومالك جديد، كما هي حالة السيدة الصغيرة يسرى الشيخ (19 سنة)! تقول يسرى: أذكر أني كنت ألعب في الحارة مع اخوتي واولاد الجيران عندما زوجني أهلي في عمر ال 12 عام إلى رجل خمسيني يملك أموالا وبواخر ويسافر إلى كل بلاد العالم! كنت طفلة لم أبلغ بعد، جلست في منزله حوالي 6 أشهر إلى أن تم الزواج فعليا! وسافر بعد شهر من زواجنا. تلك كانت آخر مرة أراه بها، سافر ولم يعد! ولم اسمع اي خبر عنه! رغم أني كنت حاملا، وولدت طفلي دون ان يزورني أهله! فقام أهلي بمعاملات الطلاق، وتطلقت وأنا بالكاد أبلغ الرابعة عشر ومعي طفل بين يدي.

وأوضحت يسرى انها لا تفكر بالزواج مجددا! فهذا "الشيء"، كما تسميه، حرمها من كل حياتها! وحرمها أن تكون انسانة طبيعية تعيش كما يعيش الآخرين في هذا المجتمع: تتعلم وتعمل وتفرح! فمنذ أن ارتكب أهلها هذه الجريمة بحقها لم يرى وجهها الابتسامة، عدا عن حرمانها من كل شيء! فهي، كما تقول، أصيبت بتشوهات في عمودها الفقري، كما أنها عانت من فقر الدم الذي جعل شعرها يتساقط بشكل كبير والتهابات كثيرة أثناء فترة الحمل التي كانت من أقسى ما مرت به. هذا الذي جعلها لا تتعاطف مع طفلها رغم أن لديه قصور عقلي وجسدي فهي بعيدة عنه تماما، وتركته إلى والدتها وأخوتها، وتضيف: كلما انظر إلى عيني ابني أتذكر والده، وأتذكر مأساتي التي ترافقني يوميا، فأنا لا أعرف الآن ماذا سأفعل؟ كما أنني لا أتقن شيئا. أما بالنسبة إلى ابني فأنا أعرف أني لا أعطيه القدر الكافي من الحنان والحب وحتى الرعاية ولكن هذا هو الواقع.

Imageيسرى أيضا هي إحدى ضحايا الأهل الذين عاثوا فسادا في مجتمعنا! هي تلك الطفلة البريئة التي كانت تلعب فعلا بدميتها حين وجدت نفسها أمام معتدي وشاهدين على الاعتداء، فهل من الممكن ان تحلل ورقة نقد حالة اعتداء رجل خمسيني على طفلة في الثانية عشر من عمرها، كلفها الثمن حياتها دون ادنى ارادة منها، ودون أي تفكير بأي شيء.

أما منى سعيد (30سنة) تقول: لقد زوجني أهلي في سن الخامسة عشرة، وجعلوني اترك المدرسة رغم أنني حصلت على الشهادة الاعدادية بامتياز! وبعد أشهر من زواجي بدأ زوجي يعاملني معاملة سيئة ويتركني وحيدة في المنزل! لا يأتي إلا ليأكل، فبدأت بالاحتجاج على الحياة التي أعيشها معه، لكن رده كان الضرب المتكرر، فلجأت إلى اهلي الذين رفضوا أن أستمر هكذا فطلقوني منه، وبعد اشهر من طلاقي تقدم لي عريس جديد ووافقت عليه رغبة وأملا بأن يعوض عن التجربة الأولى السيئة، فيحميني من المجتمع الذي لا يرحم المطلقة أبدا، ولو كانت صغيرة في العمر.
وفعلا تزوجته بعد وقت قصير، ولكنه لم يكن أفضل، بل أقسى من سابقه! فهو يعتبر نفسه أنه قد تزوج "مطلقة"! هذه المشكلة التي لم يتجاوزها إلا بضربي المتكرر حتى انه كسر لي قدمي الاثنتين ذات مرة، فعدت مجددا إلى أهلي، وقمت بطلب الطلاق منه وحصلت عليه! ولكني لم أيأس، لم يكن لدي طفل ليشغلني فتابعت دراستي ونجحت في الثانوية العامة، وبعدها التحقت بعمل لم اتركه حتى الآن رغم الظروف القاسية التي أمر بها ورغم الظلم الذي أتعرض له يوميا من الناس. فالمطلقة مرة واحدة منبوذة في مجتمعنا، بل ويخشى منها ومن تصرفاتها، فكيف هو حال المطلقة مرتين في عمر صغير لا يتجاوز سن السابعة عشرة؟.
منى تؤكد أنها لم تعد تفكر مطلقا بالزواج، وانه صار أمرا مرفوضا تماما. فمهما كانت الصعوبات التي تقف في وجهها الآن قاسية، لن تكون أبشع مما مرت به مع رجلين على التوالي.

حالة منى من الحالات النادرة التي نجدها هي تلك الفتاة القوية التي بالرغم مما تعرضت وتتعرض له من ظروف مازالت متمسكة بحقها في الحياة، ولكن ما ساعدها هو عدم وجود طفل بين يديها، ومساندة أهلها الذين كانوا سبب ما حدث معنويا وماديا لها، لشعورهم بالذنب الذي ارتكبوه.

سهى حامد (20سنة) توضح أن أهلها زوجوها في الرابعة عشرة من عمرها، دون اي رغبة منها، فهي كانت مجتهدة في المدرسة وتحب الدراسة ولديها طموح كبير في ان تكون محامية في المستقبل. ولكن ما حدث هو عكس ذلك تماما! فقد تزوجت تلبية لرغبة من والدها في أن "يرتاح" من هم هذه الفتاة التي يشكل وجودها في بيته عبئا كبيرا عليه.
تقول سهى: تزوجت طفلة، ولم أكن سعيدة رغم أن زوجي كان لطيفا معي وعاملني بحنان كبير. وبعد عام من المعاناة بين الأطباء والمشافي نتيجة لمشاكل في جهازي التناسلي نجمت عن زواجي المبكر، أخبرني أنه يريد أن يتزوج بامرأة ثانية لأن "وضعي لم يتحسن"! لم أبدي أي رد فعل! فأمراضي كانت تكفيني في حينها! وبالفعل تزوج بسرعة ولم أعد أراه إلا مرة في الأسبوع، ثم مرة في الشهر.. فطلبت الطلاق بعد أن اختفى الفرق بين وجوده وعدمه، إذ لم يعد يأتي إلى البيت نهائيا بعد أن أنجبت زوجته الثانية طفلا! وطلقت وأنا لم أبلغ السابعة عشرة من عمري.

وتضيف: بعد شهر واحد من طلاقي أخبرني والدي أن عريسا سيأتي في نهاية الأسبوع، وأنه (والدي) موافق! وأن إجراءات الزواج ستتم بسرعة خلال أسبوع واحد! وبالفعل تزوجت للمرة الثانية وعمري 17 سنة.  وحرمت مجددا من أي حق لي باختيار حياتي! وكما عانيت من زوجي الاول عانيت مع الثاني من مشاكل صحية كثيرة! ولكنه أحبني وتمسك بي ولم يتركنني. وخلال عام حملت منه، لكن ولد طفلا هزيلا ويعاني من مشاكل سمعية. زوجي الآن طيب وحنون حقا، لكنني اشعر بالظلم وعدم الرضا بسبب الحياة التي أجبرت على عيشها.

تلك الحالات الخمسة ليست سوى عينة صغيرة من الفتيات اللواتي تعرضن للزواج المبكر، وان قمنا بالتكبير أكثر لوجدنا الأمراض الحقيقة التي تعاني منها تلك السيدات اللواتي انتهكت طفولتهن، فالأمر لا يقتصر على الحالة النفسية وإنما على الجسدية أيضا! ورغم كل ما تعانيه المرأة من ظلم، إلا أن المجتمع يستمر في توجيه إصبع الاتهام إليها، وهو لا يعي أنه يشير بإصبع الاتهام إلى نفسه، ولا يعي أنه يحاول أن يخبئ الشمس باصبعه الصغير ذاك!

تعاني الطفلة التي تدفع إلى الزواج من جملة من الآثار الصحية والنفسية التي قد تلازمها طويلا، منها:
الآثار الصحية على القاصرة:
1 اضطرابات الدورة الشهرية وتأخر الحمل
2 الآثار الجسدية: (تمزق المهبل والأعضاء المجاورة له أثناء الجماع).
3 ازدياد نسبة الاصابة بمرض هشاشة العظام نتيجة نقص الكلس.
4 هناك أمراض مصاحبة لحدوث الحمل لدى الطفلة منها:
- حدوث القيء المستمر
- فقر الدم
- الإجهاض: حيث تزداد معدلات الاجهاض والولادات المبكرة وذلك اما لخلل في الهرمونات الانثوية اولعدم تأقلم الرحم على عملية حدوث الحمل.
- ارتفاع نسبة الوفيات نتيجة المضاعفات المختلفة مع الحمل
- ظهور التشوهات العظمية في العمود الفقري ومنطقة الحوض نتيجةة الحمل المبكر.
- ارتفاع حاد في ضغط الدم يؤدي إلى نزيف وحدوث تشنجات وفشل كلوي.

الآثار الصحية على الأطفال:
1- اختناق الجنين في بطن الأم نتيجة القصور الحاد في الدورة الدموية.
2- قصور في الجهاز التنفسي نتيجة عدم اكتمال الرئتين.
3- اعتلالات الجهاز الهضمي
4- تأخر النمو الجسدي والعقلي.
5- زيادة الأصابة بالشلل الدماغي.
6- الاصابة بالعمى والاعاقات السمعية.

الآثار النفسية:
1- الحرمان العاطفي من حنان الوالدين والحرمان من عيش مرحلة الطفولة التي إن مرت بسلام كبرت الطفلة لتصبح إنسانة سوية، لذا فإن حرمانها من الاستمتاع بهذه السن يؤدي عند تعرضها لضغوط إلى ارتداد لهذه المرحلة في صورة أمراض نفسية مثل الهستيريا والفصام الاكتئاب القلق اضطرابات الشخصية.
2- اضطرابات في العلاقات الجنسية بين الزوجين ناتج عن عدم إدراك الطفلة لطبيعة العلاقة مما ينتج عنه عدم نجاح العلاقة وصعوبتها.
3- قلق واضطرابات عدم التكيف نتيجة للمشاكل الزوجية وعدم تفهم الزوجة لما يعنيه الزواج ومسئولة الأسرة والسكن والمودة
4- الإدمان نتيجة لكثرة الضغوط كنوع من أنواع الهروب.
5- آثار ما بعد الصدمة (ليلة الدخلة) وهي مجموعة من الأعراض النفسية التي تتراوح ما بين أعراض الاكتئاب والقلق عند التعرض لثل هذه المواقف.
6ـ يشكل الخوف حالة طبيعية عند الأطفال ومن هم دون سن البلوغ كالخوف من الظلام والغرباء والبعد عن الوالدين...، ويزول هذا الشعور بعد مرحلة البلوغ لذلك فإن الخوف وما يترتب عليه قد يصاحب القاصر إذا تعرضت للزواج بهذا العمر.
7ـ الانغلاق ألا إرادي للمهبل لمن هن في عمر مبكر (وهو مرض نفسي ويزيد من احتمال حدوث ذلك وجود الخوف (القلق) من الشدة الجسدية من الزوج وهي حال مرضية تستدعي التدخل الطبي.
8ـ وجود قابلية للإصابة ببعض الأمراض النفسية خلال فترة النفاس (نتيجة احتمال إصابتها بإمراض نفسية قبل الحمل).
9ـ عدم اكتمال النضج الذهني فيما يخص اتخاذ القرارات وما يترتب عليها بالنسبة للعناية بالطفل وواجبات الزوج والعلاقة مع أقاربه.

الآثار النفسية على الأطفال لأم قاصر:
1ـ الشعور بالحرمان حيث أن الأم القاصر لا يمكن أن تقوم بعملها كأم ناضجة.
2ـ اضطرابات نفسية تؤدي إلى أمراض نفسية في الكبر كالفصام والاكتئاب نتيجة وجود الطفل في بيئة اجتماعية غير متجانسة.
3ـ تأخر النمو الذهني عند الأطفال نتيجة انعدام أو ضعف الرعاية التربوية الصحيحة حيث لا يمكن للأم القاصر أن تقوم بواجبها التربوي تجاه أطفالها.

الدكتور أديب حسين، أخصائي أمراض عصبية ونفسيه، قال لمرصد نساء سورية أن التعامل مع فتيات قاصرات يعني التعامل مع فتاة لم تستكمل النضج العقلي والجسدي والنفسي حتى الفكري والاجتماعي وبالتالي يترتب عليها نتائج تظهر في حياتها الزوجية.
فالزواج قديما اختلف عن الزواج حديثا، فقديما كان الاهل يقومون بكافة امور الدعم المعنوي والمادي لكي يتزوج ابنهم، اما اليوم فضغوط الحياة زادت وبالتالي اصبح العبء على الفتاة المقبلة على الزواج سواء كانت قاصرا أو غير قاصر أكبر.
وأشار د. حسين إلى أن معاناة الفتاة القاصر من مشاكل جسدية وعضوية أثناء فترة الحمل والولادة تؤدي إلى تعرضها لمشاكل نفسية، كما أن مواجهة القاصر لمولودها وحدها يجعلها في حالة من الإعياء والقلق والكآبة ويعرضها إلى تبدلات بالشخصية والعصبية والنرفزة، وقد تأخذ شكل الاعتماد الكلي على الزوج أو النفور منه.
وقال أيضا أن هناك مجموعة من الاحتمالات التي تلجأ إليها الفتاة كحالة من التعويض منها:
1- أن تقوم بمجموعة من النشاطات الحياتية المختلفة (كالدراسة او الالتحاق بمكان لتعليم مهارة ما)
2- أن تصل إلى حالة من اليأس والاحباط والعجز.
3- أن تعيش حالة من التمرد والتوتر والقلق الدائم مع أولادها وزوجها.

وشرح أن ممارسة القاصر لحياتها الزوجية قد تشعرها، في بعض الحالات، بالنقص الدائم فهي لم تعيش فترة المراهقة، ولم تختبر عاطفتها جيدا. بالتالي نجدها في مرحلة البحث عن عاطفة والميل نحو التعاطي مع الآخرين وما يرافق ذلك من إحساس بعدم الثقة بالنفس.


وتؤكد الدكتورة جمانة علي، اختصاصية أمراض النساء والتوليد، أن هناك ثلاث تأثيرات سلبية أساسية لزواج القاصر هي:
اولا- الرض النفسي: والذي تتعرض له عند أول تماس جنسي مع الزوج لأنها لا تكون مهيأة نفسيا لخوض العلاقة الجنسية مع زوجها التي تكون في أغلب الحالات قسرية، وأيضا بسبب الفارق بين عمريهما، وحتى أنه قد يظهر نتيجة للمسؤولية المفاجئة التي تلقى على عاتق الفتاة- الطفلة وهي في سن صغيرة! هذا الرض النفسي يترك رواسبه العميقة والتي تؤدي إلى نوع من النفور أو البرود الجنسي. كذلك تزيد نسبة الإجهاض المرضي عند النساء اللواتي تعرضن لرضوض نفسية وعاطفية شديدة أثناء الحمل.

ثانيا- حالات تدني المستوى الفكري والاقتصادي للبيئة التي تنتمي لها الفتاة تؤدي إلى مشاكل صحية لدى الفتاة أثناء حملها وذلك لعدم الاهتمام بالتغذية المناسبة لها ولجنينها، بالإضافة إلى غياب المتابعة الطبية المستمرة. وهذا يؤثر بشكل مباشر على الأم فتتعرض لحالات فقر الدم ونقص في الكلس، ولكن الخطر الأكبر يهدد الجنين إذ يؤدي هذا الواقع إلى سوء تغذيته، وعدم العناية الطبية إلى حالات ولادة مبكرة وقد يؤدي إلى فقدان الجنين، ونقص في نمو الجنين داخل الرحم، فغالبا ما يأتي في هذه الحالات الطفل لديه نقص في المناعة ونقص في النمو الجسدي ويؤدي ذلك إلى تخلفه عن اقرانه.

ثالثا- وهي الأخطر وهي زيادة احتمال حدوث سرطان عنق الرحم (حصرا) وذلك نتيجة النشاط الجنسي المبكر.

فالفتاة تحت سن الثامنة عشرة ما تزال في مرحلة الطفولة، هذا معروف ومثبت أيضا في اتفاقية  حقوق الطفل التي انضمت اليها سوريا وصادقت عليها، حيث نجد أن معنى كلمة طفل كما جاءت في الاتفاقية في المادة 1: (يعني الطفل كل انسان لم يتجاوز الثامنة عشرة مالك يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه).
كما حدد القانون المدني السوري المطبق بالمرسوم التشريعي رقم 48
تاريخ 18-5- 1949
سن الرشد هي ثماني عشرة سنة ميلادية.
كما عرف قانون الأحوال الشخصية السوري الطفل بما ينسجم مع نص المادة 1 من اتفاقية حقوق الطفل في المادة (162) التي تنص على أن "القاصر هو من لم يبلغ سن الرشد وهي ثماني عشرة سنة كاملة".
فالطفل أو القاصر أو الحدث هي مصطلحات قانونية لمعنى واحد في التشريع السوري وهو الإنسان الذي لم يتم الثامنة عشر.

أما فيما يخص قانون الاحوال الشخصية السوري فتنص المادة 16: تكمل أهلية الزواج في الفتى بتمام الثامنة عشرة وفي الفتاة بتمام السابعة عشرة من العمر.

وهذا كله يؤكد على أن زواج القاصرات هو اعتداء على حق الطفلات بنضج ونمو جسدي وعقلي وثقافي مناسب لأعمارهن.

إلا أن قانون الأحوال الشخصية هو نفسه يفتح الباب على مصراعيه لزواج القاصرات حين ينص على أنه يمكن للصبي الذي يدعي بلوغه (الجنسي) وعنده 15 عاما، والبنت التي تدعي ذلك وعمرها 13 عاما، أن يتزوج كل منهما برعاية وموافقة قانونية! وهو ما يتعارض مع كل التشريعات القانونية السورية التي تؤكد أن سن الرشد هو 18 سنة للشاب والشابة!

فهل حقا أن سورية لا تستطيع اليوم أن توقف هذا العنف ضد الطفلات؟ ألا يمكننا أن نحمي طفلاتنا من عبث بعض الأهل سواء الذين يريدون أن يتخلصوا من فم يأكل، أو الذين يريدون أن يكسبوا الأموال بتزويج طفلاتهن للأغنياء العجائز، أو الذين يفعلون ذلك بسبب من أوهامهم الخاصة التي يغذيها البعض حول أن الدين يسمح بمثل هذا العمل الذي كله ضرر بضرر؟!

نضج الأطفال الجسدي هو أمر أساسي. لكنه لا يتحقق بمجرد "البلوغ"! كما أن النضج الجسدي وحده اليوم لا يعني شيئا، إذ لا بد أيضا من النضج العقلي والاجتماعي للفتاة لتتمكن من تأدية مهامها الأسرية دون مشاكل هي وأطفالها الخاسرين بسببها!

وبالتالي فإننا بحاجة اليوم إلى تطوير التشريع السوري عبر تجريم زواج القاصرات/ين، وتحقيق عقوبات شديدة على كل من يشارك بعقد مثل هذا الزواج.

 
 
 
 
 
 
 
إتصل بنا
هاتف : +972(4)6462138
قاكس : +972(4)6553781
[email protected]