مقالات ودراسات

 

بمناسبة حلول يوم المرأة العالمي ارتأت لجنة العمل للمساواة في قضايا الاحوال الشخصية هذا العام استغلال هذا اليوم للتذكير بالنضالات التي تخوضها النساء وبالتحديات التي تواجها عموما وبمواضيع الاحوال الشخصية على وجه الخصوص علاوة على الخوض في الابعاد المختلفة الاجتماعية او الصحية او القانونية وغيرها لقضايا وظواهر اجتماعية تعصف بنا وتلزمنا بالتطرق اليها وسبر اغوارها ليكون بالإمكان وضع الاستراتيجيات الملائمة للتدخل وللتعامل معها.

احدى هذه القضايا والظاهرات الاخذة بالاتساع في مجتمعنا هي قضية فسخ الخطبة او ما يسمى اصطلاحاً العدول عن الخطبة، وعليه راينا ضرورة تعريف الطرفين بالأبعاد القانونية لموضوع فسخ الخطبة, وسنستعرض هنا تعريفاً بماهيتها، ابعادها القانونية وتبعات ابطالها من قبل احد الخطيبين او كليهما.

الخطبة هي وعد بالزواج. وعليه فإن الخطبة لا تعد عقداً قانونيا ، ولا تفيد ما يفيده عقد الزواج او أي عقد اخر من أحكام وآثار، ولا يغير من ذلك مجموعة العادات والتقاليد التي ترافق الخطبة عادة مثل قراءة الفاتحة أو لبس الشبكة أو الهدايا او اجراء حفلة الخطوبة. وكانت الحكمة من الخطبة هي إعطاء المهلة للطرفين للتعرف اكثر وللتيقن من مدى توافقهما للبدء بالحياة الزوجية مستقبلاُ.

والعدول عن الخطبة هو أن يتراجع الخاطبان أو أحدهما عن الخطبة بوجود عذر وهو ما اجازته القوانين المدنية وكذلك التشريعات السماوية على اختلافها، وان لم يتبين العذر فيكون ذلك من الامور الغير مستحبة لما في العدول عن الخطبة من جرح لمشاعر الطرف الآخر ونقضا للوعد بالزواج وهو يتنافى مع مقتضيات الأخلاق والاعراف .

وللعدول عن الخطبة اسقاطات قانونية تختلف باختلاف الحيثيات. فان تم عقد الزواج مع الخطبة ولم يتبعه الزفاف وانتقال الخطيبة الى منزل الزوجية مباشرة وتم فسخ الخطوبة، فيكون ذلك بمثابة طلاق على كل ما يترتب على ذلك من اسقاطات.

اما اذا لم يتم عقد الزواج مع الخطوبة وتم العدول عن الخطبة من قبل احد الخطيبين او كليهما، فيمكن تلخيص الآثار المترتبة على ذلك بما يلي: 

التعويض عن ضرر العدول : هنالك من يرى ان العدول عن الخطبة لا يوجب التعويض بسبب ان الامر جائز شرعا وبما انه كذلك فليس من المعقول المعاقبة عليه بصيغة التعويض لان فيه اكراه ضمني للخاطب لإتمام الزواج الامر الذي يتنافى واحكام الزواج وحقوق الانسان الأساسية مثل الحرية باختيار شريك الحياة. بالمقابل هنالك من يرى ان العدول عن الخطبة قد يلحق الاضرار النفسية او حتى المادية بالأطراف مثل اعداد الخاطب للمسكن، او تنازل الفتاه عن تعليمها بطلب من خطيبها او حتى ترك وظيفتها، او الاساءة لسمعتها او سمعته بعد خطبة طال امدها  وغيرها، الامر الذي يوجب التعويض. وهناك من يرى بإمكانية التعويض عن العدول ولكن فقط عن الاضرار المادية استنادا الى بعض القواعد الشرعية مثل: لا ضرر ولا ضرار، او اساءة استعمال الحق. 

وفي هذا فقد ذهبت محاكم شؤون العائلة في البلاد بالزام الطرف الذي يقوم بفسخ الخطوبة بتعويض الطرف الاخر بدل الاضرار التي لحقت به وذلك بسبب اعتماد الطرف الاخر على هذا الوعد بإتمام الزواج مع وجوب ايراد البينات على ذلك. ولكن بما ان الخطبة هي وعد بالزواج كما ذكر انفاً فمن المهم التذكير بانها عقد من نوع خاص اذ لا يمكن المطالبة بفرض تطبيقه او اتمامه كما في أي عقد اخر لان الامر يتضمن اكراها لطرف بالزواج، وعليه فأقرت المحاكم في جملة من القضايا امكانية التعويض، ولكن بعد فحص الحيثيات العينية في كل قضية بما فيها وجود الوعد بالزواج والبينات على ذلك، اسباب العدول وكيفيته، مدى اعتماد الاطراف على امكانية اتمام الزواج، مدة الخطبة وغيرها من الامور الخاصة في كل قضية.

المهر: اذا قام الخاطب عند الخطبة بدفع المهر لخطيبته فله ان يسترده كاملا اذا تم فسخ الخطبة سواء كان قائما او مستهلكا وعندها يسترده بقيمته.

هدايا الخطبة من المتبادلة بين الطرفين: حكم الهدايا هو بحكم الهبة بموجب القانون بمعنى انه اذا اهديت فلا تُرد. ولكن ان كانت الهدايا تهدى من طرف الخطيبين او اهلهما للإعانة على اتمام الزواج وتجهيز البيت او على حساب المهر فيسترد كل طرف ما اهدى باعتبار انها "هبات مشروطة" وما استعمل منها فيتم التعويض بدفع بدل قيمتها. 

 

* عضو لجنة العمل للمساواة في قضايا الاحوال الشخصية وناشطة حقوقية

 
 
 
 
 
 
 
إتصل بنا
هاتف : +972(4)6462138
قاكس : +972(4)6553781
[email protected]