مستجدات

 

إنجازات لجنة الأحوال الشخصية في ظل سياسة مؤسساتية سلبية


خلال لقاءٍ خاص مع هبة يزبك، مركّزة لجنة العمل للمساواة في الأحوال الشخصية، وهي أيضاً ناشطة سياسية نسوية، وعضو في اللجنة المركزية في التجمع، وطالبة دكتوراة عن التهجير واللغة بين المهجرين الفلسطينيين في الداخل، كان الحديث بالأساس عن عملها في لجنة الأحوال الشخصية، وكانت البداية، بتعريف عمل اللجنة، حيثُ قالت هبة يزبك:


"أقيمت لجنة الأحوال الشخصية في العام 1995 بهدف تعديل قانون محاكم شؤون العائلة، بحيثُ يضمن التعديل تلبية حاجة جميع المواطنين في البلاد وخاصة النساء العربيات لمحاكم شؤون العائلة، علمًا أنّ القضايا  قبل عام 1995، كانت تعالج في المحاكم الدينية، والحديث هو عن قضايا الاحوال الشخصية مثل: الطلاق والزواج والنفقة وما إلى ذلك، وجاء التعديل ليتم خلق محاكم مدنية وشؤون عائلة، علمًا أنّ القانون لم يشمل العرب المسلمين والمسيحيين (الذي تعدل في العام 95)، وعلى ضوء التعديل أقيمت اللجنة، التي طالبت أن تكون المحاكم مفتوحة أمام الجميع في البلاد، وجاء التعديل الخاص لجميع العرب في العام  2001 بعد نضال طويل خاصته اللجنة."


التميّز في عمل لجنة الأحوال الشخصية

تقول مركزّة اللجنة: "إنّ تميّز اللجنة الأساسي هو في أخذ قضايا الأحوال الشخصية، وهي أول مؤسسة تعمل في هذا المجال وهي الوحيدة التي تحمل هذه المسألة، ودورها على مستويين، كلجنة نعمل على مستوى قانوني، تعديل قوانين مجحفة بحق النساء في الأحوال الشخصية، أو اقتراح قوانين، ونعمل في الشق الثاني أكثر على المستوى الجماهيري العام، حملات جماهيرية، إضافة إلى برامج رفع وعي، مع جيل الشباب، النساء  ومع رجال ومهنيين ومهنيات، ونسعى لتغيير الخطاب، وان يتبنى المجتمع الخطاب والقضايا التي نعمل عليها، وبالأساس هدفنا خلق حالة من المساواة بين الرجال والنساء في قوانين الأحوال الشخصية منذ الولادة. وفي الوضع الحالي القوانين لا تشمل المساواة المطلوبة ما بين الرجل والمرأة، والمشوار طويل من ناحية التعديلات القانونية، وهي لا تكفي أصلاً دون عمل جماهيري وتغيير مجتمعي، وكأننا لم نفعل شيئًا".
وتتابع: "أما القضايا التي نعمل عليها فهي قضايا من الميدان، التي تواجهها النساء في المجتمع، لكننا لا نترافع عن النساء بشكلٍ شخصي، بل نوجه لمراكز مختصة، لكننا نأخذ قضايا ممكن أن نتوجه بها إلى محكمة الاستئناف مثلاً،  سعيًا منا لتلبية ما تحتاجه النساء وسائر أفراد المجتمع في القضايا اليومية".


العوائق أمام عمل اللجنة؟

 
تقول هبة يزبك: «هناك أمران العائق الأساسي هو أنّ قضايا الأحوال الشخصية تبدو مشتقة من الشرائع الدينية، وهذه صعوبة أساسية، لأن الناس لا يفصلون كثيرًا ما بين الدين والإيمان وما بين قوانين مشتقة من شرائع، وليس بالضرورة أن تكون مستندة على الدين اكثر منها على عادات، وجزء من التحديات أن نخلق خطابًا فيه تطوير لمكانة النساء في هذه القوانين دون المس في العقائد الدينية، لكن في قضايا تخص النساء، هناك أفكار نمطية مسبقة مرسخة داخل المجتمع، جزء منها المجتمع «يتحجج بالدين»، وجزء حولها الى عادات اجتماعية من الصعب أن يتخلص منها، وهي بالأساس تنعكس بالعلاقات الزوجية ومكانة المرأة في البيت وفي الحيز العام وداخل المجتمع ككل، وينعكس في التعليم والعمل، والتطور الشخصي والاجتماعي. فعمليًا القيم المرسخة تجاه دونية المرأة عائق أساسي في نقل أفكارنا بشكلٍ سلس، لكن واضح لنا أنّ مهمتنا صعبة، خاصة أننا نتحدث عن قضايا، يتم في كثير من الأحيان النظر إليها كقضايا دينية قبل أن يُنظر لها كقضايا حقوقية بحت".


إنجازات لجنة الأحوال الشخصية

 
تحدثت يزبك عن الإنجازات قائلة: «إنّ جزءا هامًا من عملنا هو أننا نلجأ إلى الميدان ونقوم بأبحاث، قبل الخروج بمشاريع، ولا نعتمد على انطباعاتنا الشخصية، وهذا الأمر يعزز الثقة في عملنا، أجرينا استطلاعين عن «تزويج الفتيات»، و»تعدد الزوجات»، ومن خلال ذلك انطلقنا بحملتين مهمتين، وجزء من مصداقيتنا هوالتعامل الشفاف مع الجمهور، هو الاعتماد على الميدان وليس انطباعات شخصية، وكان لنا إنجازات ملموسة تمّ تحقيقها، تعديل القانون عام 2001، تعديل قانون شؤون العائلة، ثانيًا رفعسن  الزواج من 17  إلى 18، مع التشديد على أنّ ما نتحدث عنه هو عمل سنوات، لأننا نتحدث عن قوانين تمر بسنوات حتى يتم تمريرها و إحقاقها، كما أنّ المجتمع يحتاج إلى وقت ليتم تغيير ما يؤمن به، وعليه نؤمِن بالجيل الشاب وطلاب المدارس، وهم شريحة نتعامل معها، هذه الإنجازات مرت سنوات حتى تمّ تمريرها، بالاضافة لعملنا على  مسألة تعيين قاضيات شرعيات، التي بادرنا لها قبل أربع سنوات، وحصلّنا حاليًا على موافقة على تعيين قاضية في محكمة شرعية، وهناك أيضًا محاكم شؤون العائلة التي نعمل على تعيين قاضيات عربيات فيها، إدخال اللغة العربية، مناليتها للنساء، فتح المحاكم أمام النساءاضافة الى العمل على اقتراح قانون في مسألة «تعيين نساء في لجنة تعيين القضاة الشرعيين»، قضايا متشعبة، ونحاول أن تكون قضايا تطوّر في ماهية المحاكم في بنية المحاكم، وهناك اقتراحات لتعديلات قانون، مثل في قضايا الحضانة، النفقة "
وتضيف: «كان هناك إنجازات ملموسة وواضحة، اخرها رفع سن الزواج وقرار تعيين قاضيات شرعيات"


إحداث تغيير مجتمعي

وعقّبت يزبك على التغييرات الحاصلة قائلةً: "لم نجرِ بحثا لمعرفة مدى تأثيرنا، لكن من خلال مجموعات نلاقيها والنقاشات التي تثار، وإمكانية التغيير والتعطش عند مجموعة النساء بالذات، نرى أنّ النساء بحاجة لخلق جو من النقاشات والتغيير، في المقابل واضح أن التغيير أصعب، ونحنُ كأطر نسوية لا نعمل بشكلٍ مباشر مع الرجال لإحقاق تغيير عند الرجال، نعمل بالأساس مع شريحة النساء، والسبب الأساسي أنّ شريحة النساء أكثر استضعافًا، لكن أظن أن هناك حاجة أكثر مقابل الرجال كشركاء لنا في كل عملية التغيير، لكنني أؤمن أنه من خلال التوجهات المستمرة لنا واللقاءات التي نقوم بها، نرى هناك تقبُلا للطرح الذي نضعه، وجاهزية من مجتمعنا للتغيير والشراكة، ومجتمعنا دينامي ولديه قابلية لتغيير العادات السلبية الموجودة فيه، لكنه بحاجة لمنصات كي نعمل معًا لتطويره".

 

 


دور المؤسسة الإسرائيلية؟!

ترى الناشطة النسوية والباحثة هبة يزبك أنّ العائق الأساسي هو المؤسسات الإسرائيلية، وهو أمر ملموس في كافة الدوائر، سواء وزارات أو اقتراح قوانين في الكنيست، ليس هناك تعاون، بل على العكس هناك رغبة بإبقاء الوضع على ما هو بل جعله أكثر سوءا من خلال عدم التجاوب في الكثير من القضايا، أو التجاوب البطيء جدًا، ونراه أيضًا حين يتم اقتراح قوانين للتغيير، مثل رفع سن الزواج، وجزء من عدم التعديل أنّ الحكومات المتعاقبة  اليمينية تعتبر المشكلة هي مشكلة عرب عند العرب فلماذا نقوم بحلها؟ بالإضافة إلى ذلك مسألة تعدد الزوجات، فقانونيًا يعتبر المتزوج بأكثر مِن امرأة مخالفا للقانون، لكنه لا يُحاسب ولا يتم تطبيق القانون، ناهيك عن قضايا العنف والقتل وتشغيل النساء وقضايا الأحوال الشخصية، الدولة غير معنية والشرطة لا تأخذ دورها، ومقترحات القوانين لا تمر كما يجب بالذات الآتي من المجتمع العربي، تخصيص الوزارات للموظفين والميزانيات في هذه القضايا شحيحة جدًا، الدولة غير معنية أصلاً بالتطوير لأن هذا يقوي المجتمع الفلسطيني، لذلك تختبئ الدولة في الكثير من الأحيان في عباءة الخصوصية الثقافية للمجتمع الفلسطيني التي لا تمارسها في حالات أخرى، هدم بيوت وقتل وما إلى ذلك، بينما تمارسها تجاه النساء، لأنها تعرف أنه طالما أن النساء مستضعفات داخل المجتمع فسيبقى المجتمع ضعيفًا.

وتلخيصًا: لدينا معركة مستمرة ومستميتة أمام الدولة ووزاراتها ومؤسساتها لتحقيق شيئ من المساواة للنساء العربيات والمجتمع ككل. يُشار أنّ اللجنة مؤلفة من ائتلاف جمعيات، وترى هبة أن هذا قوة لدعم العمل، وواحدة من الأمور التي لم تستغنِ عنها اللجنة منذ 18 عامًا، وهو الائتلاف الوحيد الذي استمر لهذا العدد من السنوات في مجتمعنا، والهدف من الائتلاف تعزيز العمل لتكثيف القوة والضغط  بشكلٍ جماهيري وجماعي من اجل احداص التغييرات.وترى «أنّ استمرار العمل كسبع جمعيات معًا، يعطي قوة وخاصية أمام المجتمع وأمام الدولة عندما نتحدث عن تعديل قوانين".

(أجرت المقابلة: غادة اسعد،  "متحديات" ملحق خاص في يوم المرأة العالمي-لصحيفة "فصل المقال"-الجمعة 7 اذار 2014)

 
 
 
 
 
 
 
إتصل بنا
هاتف : +972(4)6462138
قاكس : +972(4)6553781
[email protected]